لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بكلمات مفعمة ببعض المفاهيم الدينية والمواعظ الأخلاقية، استقبل الرسول (صلى الله عليه و اله) شهر رمضان المبارك حيث قام (ص) في آخر جمعة من شهر شعبان بإلقاء خطبة، تعرف الآن بخطبة النبي (ص) في إستقبال شهر رمضان.
بداية تحدث (ص) عن فضل شهر رمضان، وكونه من أفضل وأشرف الأوقات عند الله تعالى، باعتبار أن أيامه ولياليه وساعاته هي أوقات خير وبركة ومغفرة ورضوان والدعاء في هذا الشهر مستجاب على اعتبار أنه شهرعبادة وتضرع وخشوع شهر صوم وانقطاع على الله لطلب خير الدنيا والآخرة، فهو شهر الله الذي أنزل فيه القرآن الكريم.
بعدها قال النبي (ص) : (هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله ) بمعنى أننا مدعوون لأن نكون ضيوف الرحمن فإذا قمنا بما طلب منا من صوم وصلاة وتهجد وعبادة فحينها نكون ضيوف حقيقيين ونكون قد قبلنا الدعوة ولبيناها وإذا لم نتفاعل مع الشهر ولم نلتزم بما أمرنا به، نكون قد رفضنا الدعوة وبالتالي نخسر هذه الضيافة الكريمة من رب العالمين كما أن ضيافة الله لنا في هذا الشهر تفرض علينا أن نحسن التأدب لأننا بمحضره المقدس وأقل حسن الضيافة أن نقوم بواجباتنا الدينية والعبادية ... وفي المقابل فإن الله يفيض علينا ببركاته ونعمه.
وزيادة في كرم الله، عز وجل، فقد اعتبر النبي (ص) أن أنفاس العباد فيه بمثابة التسبيح لله والنوم فيه بمثابة العبادة، وأن العمل فيه مقبول، والدعاء فيه مستجاب وخذا الشيء من مستلزمات استضافتنا من قبل الله جل شأنه، حيث أنه أراد التفضل علينا بجعل الأجر مضاعفا حتى عد النوم الذي هو مجرد راحة ولا يوجد فيه أي جهد وكأنه بمثابة عبادة!
بعد ذلك يطلب منا رسول الله (ص) أن نبتهل إلى الله تعالى كي يوفقنا لإعطاء الشهر حقه ...معتبرا أن من لم يؤد حق الشهر فقد حرم غفران الله في رمضان وأنه شقي.
ثم بعد ذلك تذكير بيوم القيامة، وذلك بتشبيه جوع الصائم وعطشه بجوع يوم القيامة وعطشه والهدف من وراء ذلك جعل الناس تتذكر العقاب والعذاب اللذين يلاقيهما من يعصي الله (عز وجل) ويخالف أوامره.
ومن أجل إستكمال تعاليم الدين الإسلامي القويم، فقد طلب (ص) منا أن نقوم ببعض الأعمال التي تعزز إعطاء الشهر حقه من قبيل التصدق، وتوقير الكبار والرأفة بالصغار وصلة الأرحام وحفظ الألسن، وغض النظر عما يحرم وعدم الإستماع لما يحرم والتحنن على الأيتام، والتوبة ..على إعتبار أن هذه الأمور من المستحبات المؤكدة التي توطد العلاقات بين أبناء المجتمع الواحد عبر صلة الرحم , والتصدق على المحتاجين...
كما يتطرق المصطفى (ص) لوسيلة التخلص من بعض الذنوب وتبعاتها، فيشدد على الإستغفار وطول السجود ..وقد وصل الأمر به (ص) لأن يقول : (من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام) فالمطلوب للجواز على الصراط مجرد تحسين الخلق فقط لا غير وكأن ذلك جائزة وفرصة يمنحها الله لعباده في أوقاته مفضلة عنده، فمن اغتنم الفرص فاز ...ويتابع الرسول (ص) كلامه مبينا الكرم الإلهي قائلا : (ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار ومن أدى فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور ...ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور) كل ذلك دلالة على عظيم الأجر الذي يحصل عليه المتعبدون في شهر الله، كما أنه تشجيع لنا من قبل الله تعالى لكي ننصرف للعبادة.
وفي نهاية الخطبة سأل أمير المؤمنين علي (ع) رسول الله (ص) عن أفضل الأعمال في شهر رمضان، فرد عليه المصطفى (ص) بأن الورع عن محام الله (عز وجل) هو أفضل الأعمال وذلك لأننا مهما قمنا بأعمال عبادية، ومهما صلينا وصمنا وتلونا القرآن وتصدقنا ...إذا لم نمتنع عن فعل المحرمات فكأننا لم نفعل شيئا، حتى أنه إذا لم نقم بالمستحبات وقمنا فقط بالواجبات و امتنعنا عن المحرمات فإن ذلك كاف لدخولنا الجنة وللفوز برضوان الله تعالى .
وأخيرا فإن رسول الله محمد (صلى الله عليه و اله) أراد بخطبته الغنية هذه أن يهيئنا للدخول في شهر الله تعالى لكي نستفيد منه على أكمل وجه وحتى لا تفوت علينا هذه الفرصة المباركة.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا في هذا الشهر لما يحب ويرضى إنه سميع مجيب.